كتب فريق ميدل إيست آي أنّ اغتيال الناشط الأمريكي المحافظ تشارلي كيرك في جامعة يوتا فالي يوم الأربعاء أحدث صدمة في الأوساط السياسية والإعلامية بالولايات المتحدة، خصوصاً أنّه لم يتجاوز الحادية والثلاثين وكان من أبرز الأصوات الشعبوية المحافظة على المنصات الرقمية وفي الجامعات.
أوضح موقع ميدل إيست آي أنّ كيرك اشتهر بتنظيم فعاليات في الحرم الجامعي يستفز خلالها الطلاب لمجادلته حول السياسة والثقافة، ما جذب آلاف الحاضرين.
وقد تناول في خطاباته قضايا الشرق الأوسط، متحدثاً عن الإسلام وإسرائيل وحرب غزة وجيفري إبستين والصراع مع إيران.
ومع أنّه دعم إسرائيل بقوة باعتباره إنجيلياً صهيونياً، فإنّ حدة الانقسام داخل التيار المحافظ حول الإبادة في غزة جعلته يواجه خلافات مع زملائه مثل تاكر كارلسون الذين اتخذوا مواقف أكثر انتقاداً لتل أبيب.
كرر كيرك في أكثر من مناسبة أنّه يمتلك "سيرة ذاتية مضادة للرصاص" في الدفاع عن إسرائيل، مستشهداً بقناعته بحقوقها التوراتية وبالتجارب التي عاشها هناك.
واعتاد أن يحمّل حماس مسؤولية الجرائم الإسرائيلية في غزة، فيما استخدم منصته الإعلامية لمهاجمة الصحافة الأمريكية مثل نيويورك تايمز التي انتقدت الاحتلال.
حتى صور الأطفال الفلسطينيين الذين عانوا المجاعة أو سوء التغذية حاول توظيفها لتفنيد الحديث عن المجاعة في القطاع.
لكن مواقف كيرك أثارت الجدل قبل حرب غزة الأخيرة.
فقد اشتهر بتصريحات معادية للإسلام، رافضاً أن يسمع أبناؤه الأذان في أمريكا، وواصفاً النبي محمد ﷺ بألفاظ مسيئة وعنصرية.
واعتبر أنّ المعركة الروحية في الغرب ستأتي من اندماج "اليقظة" أو الماركسية مع "الإسلاموية" ضد ما يسميه "نمط الحياة الأمريكي".
ومع ذلك، وعندما اتسعت دائرة الانتقادات لإسرائيل بين المحافظين، احتجّ على وصف المنتقدين بأنهم "معادون للسامية"، مشدداً على أنّ الاختلاف في التفاصيل لا يعني الخيانة.
وفي ملف إيران، خالف كيرك أصواتاً موالية لإسرائيل عندما هاجمت طهران في يونيو.
فقد تساءل عن جدوى تدخل واشنطن، مذكراً بدور الولايات المتحدة في الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق عام 1953 وتنصيب الشاه الذي أطيح لاحقاً عام 1979.
وأكد أنّ السؤال الحقيقي هو ما إذا كان امتلاك إيران لسلاح نووي يشكّل خطراً مباشراً على أمريكا، أم أنّه يظل تهديداً لإسرائيل بالأساس.
وشبّه الدعوات للحرب مع إيران بالتي روّج لها مهندسو غزو العراق.
وحذّر من أنّ مواجهة عسكرية مع طهران قد تتحول إلى "أسوأ مستنقع في تاريخ الشرق الأوسط".
كما أولى كيرك اهتماماً بملف جيفري إبستين، رجل الأعمال المدان بجرائم جنسية والذي توفي عام 2019 في السجن.
أشار إلى صلات إبستين بمسؤولين إسرائيليين وسعوديين وأمريكيين، وبشخصيات مثل روبرت ماكسويل وعدنان خاشقجي.
واعتبر أنّ إبستين ربما كان أداة استخباراتية متعددة الاستخدامات. لذلك ضغط على الرئيس ترامب للإفراج عن ملفات القضية، معتبراً أنّ التستر على هذه الوثائق يثير الشبهات.
هذا الاهتمام جعله عرضة لهجوم من شخصيات يمينية متطرفة مثل لورا لومر التي اتهمته بخيانة ترامب.
لكنه في الوقت نفسه استضاف أصواتاً محافظة يهودية ناقدة لإسرائيل، مثل الكوميدي ديفيد سميث، الذي طالب بوقف الدعم العسكري الأمريكي لتل أبيب.
وهكذا انتهى مسار كيرك بمفارقة لافتة: فبينما ظل مدافعاً عن إسرائيل ومناهضاً للإسلام، بدأ في الأشهر الأخيرة يفتح المجال أمام أصوات أكثر جرأة في نقد الاحتلال.
اغتياله يترك فراغاً داخل الحركة الشعبوية الأمريكية التي فقدت أحد أكثر وجوهها تأثيراً وإثارة للجدل.